|
أنتِ الحياة.. لقد اعتادت على أن تتلاشى إثارة أي حديث معه كلما وجدت الغضب في جبينه يترقرق حتى لا تكتوي بنيرانه الحارقة. في ذلك العام انتشر وباء الكورونا ،وسكن المدينة كأنه اللص الذي يريد أن يسرق أحلام البشر ، مما جعل الأمور متأزمة، والنفوس متوترة. لقد غزا حياة البشر كشبح، واغتال طمأنينة قلوبهم ، فتراكمت الديون، وزاد الفقر حتى طال جدران معظم المنازل. وكان يهدد بعنف ويطرق النوافذ والأبواب معلنا عن سنوات صعبة. العاصفة بدأت رعد، وبرق، وأمطار محملة بحبات البرد. كانت تطرق نوافذ المركبة التي تنقلهما للمنزل ، لم يخفف نادر من السرعة بل زاد حتى وكأنه في صراع مع العاصفة، شعرت بالخوف ،وكأنها تطير من مقعدها، صرخت به: نادر أرجوك تمالك نفسك ،والتزم بالسرعة المحددة ، لكنه لم يستمع لها، وفي ثوان قليلة ظهرت شاحنة كبيرة أمامهم ،لم يستطع نادر تفاديها، وحصلت الكارثة: أصواتً، ونيران، وسيارات إسعاف. كان هذا كل ما رأته قبل ان تصحو من الغيبوبة لترى وجه نادر الشاحب إمامها يقف في مكان أدركت أنه المستشفى. نظر إليها نادر وإحساس بالذنب يعتصر قلبه ،تذكر الأيام الجميلة التي جمعتهم في بداية حياتهم، وكيف أن أبسط الأشياء كانت تسعدهم، وتجعلهم يضحكون من أعماق قلوبهم، أطرق في تفكير عميق، ولأول مرة يشعر أن خسارة المال لم تعد تعنيه، وأن كل ما يرجوه أن يكرمه الله بإنقاذ توأم روحه وزوجته التي أحبها ، محدثًا نفسه :ما قيمة المال إن لم تكوني في حياتي قمرا يضئ عتمتي؟ تذكر الخوف الذي كان يسكن عينيها كلما ثار غضبه، وصمتها الذي كانت تلتزمه كلما صرخ بها بصوت عال، في مرات عديدة كان يشعر أنه بهذه أمام طفلة صماء. اقترب منها وكانت قد غرقت بنوم عميق جعلها بعيدة جدا عنه، وهمس بقربها :"أريد خطاك لتعبر في ميناء اغترابي أحك جروحي بأطراف صمتك، أموت ويجلس فوق يديك الكلام".
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط ،
ويحتفظ موقع 'ألوان للثقافة والفنون' بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أو خروجا عن الموضوع المطروح ، علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
اختر هنا لادخال التعليق |